المصدر الأول لاخبار اليمن

جنوب سوريا على تخوم معادلات جديدة.. قراءة في رؤية السيد عبدالملك الحوثي لتصعيد العدو الإسرائيلي

صنعاء/وكالة الصحافة اليمنية

يتقاطع خطاب السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي مع تصاعد التوغلات والاعتداءات “الإسرائيلية” جنوب سوريا – ولا سيما في محافظة القنيطرة والمناطق المحاذية للشريط الحدودي، ومع مشهد أوسع من الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تعرّضت لها المرأة الفلسطينية خلال سنوات العدوان الإسرائيلي.

 

 

في السياق الإقليمي

خطاب السيد عبدالملك الحوثي، اليوم الأربعاء، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة المسلمة، الذي تزامن مع تصاعد التوتر خلال الأيام الماضية على الحدود السورية مع فلسطين المحتلة، ولا سيما في القنيطرة التي تُعدّ منطقة حساسة تخضع لقواعد صارمة وفق اتفاقات فضّ الاشتباك منذ سبعينيات القرن الماضي.

 

خلفية المشهد في القنيطرة

فسّر الحوثي في خطابه، التوغلات أو الغارات “الإسرائيلية” في جنوب سوريا وريف العاصمة دمشق على أنها جزء من خطة لإعادة رسم معادلات السيطرة الإقليمية، ولفتح مساحات ضغط ضد فصائل المقاومة ومحاولة تقويض حضورها في خطوط التماس.

وخلال الأيام الأخيرة، سجّلت المناطق الجنوبية من سوريا توغلات واعتداءات “إسرائيلية” داخل الشريط الفاصل، إضافة إلى اشتباكات محدودة قرب قرية خان أرنبة، ما أثار احتجاجات شعبية في تلك المناطق.

وبحسب شهادات سكان قرية خان أرنبة، فقد تجمع الأهالي قرب أحد الحواجز “الإسرائيلية” وطالبوا برحيله، بينما مرّ رتل كبير للأمن الداخلي السوري متجاوزًا الحاجز دون اشتباك أو إطلاق نار — في مشهد يسلّط الضوء على هشاشة الوضع الأمني وتعقيدات السيطرة.

 

انكشاف متزايد للسكان المحليين

وربط الحوثي بين عدم قدرة أو عدم رغبة بعض القوى المحلية (أو الفصائل التابعة للنظام السوري الجديد) في حماية الأهالي وبين تعاظم التوغلات والاعتداءات، مما يبيّن فشلًا إداريًا وأمنيًا يتحمّل مسؤولية “المؤتمنون على الأرض”.

وفي السياق، كشف سكان محليون في القنيطرة، أمس الثلاثاء، أن قوات الحكومة المؤقتة والفصائل المسيطرة في القنيطرة وريف دمشق لم تتدخل لحماية القرى من توغلات قوات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة، ما دفع الأهالي إلى احتجاجات ومواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال في ظل غياب قوى منظمة تستطيع منع الانتهاكات أو ضبط خطوط التماس.

ويرى خبراء أن هذا الفراغ الأمني أعاد فتح ملف قواعد فضّ الاشتباك، خصوصًا مع تصاعد الغارات “الإسرائيلية” في العمق السوري، بما فيها المراكز السيادية في العاصمة السورية دمشق، دون وجود رد من القوى المحلية المسيطرة في سوريا.

 

نموذج للارتباط بالولايات المتحدة

وربط الحوثي بين واقع القنيطرة والفراغ الأمني هناك، وبين ما وصفه بـ”خيار النفاق” للجماعات المسيطرة في سوريا، متهمًا تلك الجماعات بأنها “ترتبط بالأمريكي ولا تعادي الاحتلال الإسرائيلي، بل تسعى لعلاقة معه رغم الغارات والاحتلال”.

وقال إن هذا النموذج “يعبّر عن صورة الانحراف الذي طال جزءًا من الأمة بفعل الحرب الناعمة واستبدال المفاهيم”، معتبرًا أن قبول بعض تلك الجماعات بسياسات “تغيير الشرق الأوسط” يصب في صالح “الهيمنة الإسرائيلية الكاملة”.

 

الحرب الشيطانية الناعمة كحقل صراع

وقدّم السيد الحوثي النزاع المعاصر في المنطقة كصراع متعدد المستويات، ليس فقط عسكريًا بل ثقافيًا ونفسيًا وسياسيًا بهدف “تفكيك الهوية الإيمانية” وخلق ولاءات بديلة.

هذا التوصيف يحوّل الصراع التقليدي إلى مواجهة ذات أفق طويل المدى تُعالج عبر التربية، الإعلام، السياسة والاقتصاد.

 

خطاب مواجهة

بينما سبق للسيد عبدالملك الحوثي، أن حمل، الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة مسؤولية استراتيجية تصاعد العدوان على دول المنطقة، موجهاً اللوم أيضاً إلى أنظمة عربية وصفها بـ«المتعاونة أو المتواطئة» التي تساهم في إفلات الاحتلال الإسرائيلي من مساءلة قانونية فعلية.

يرى قائد جماعة أنصار الله، السيد عبدالملك الحوثي، أن التعامل السياسي والدبلوماسي لبعض الأنظمة حوّل مفهوم السلام إلى استسلام، ويدعو إلى إعادة تعريف المقاربة على أساس مقاومة وصدّ لا تعايش معنوي مع الاحتلال.

ويبدو أن دعوة السيد الحوثي الأمة والأنظمة العربية والإسلامية، إلى مواجهة المخططات الأمريكية و”الإسرائيلية” والعودة إلى مفاهيم القرآن الكريم قد يُحفّز فواعل إقليمية على إعادة قراءة حساباتهم التكتيكية؛ فالمطالبة ببذل دعم عملي للمقاومة قد تُنتج زيادة في تبادل الضربات أو تحريك قوى مسلحة إقليمية.

وسبق لقوات صنعاء أن واجهت القوات الأمريكية في معركة البحر الأحمر ووجهت ضربات موجعة لمواقع قوات الاحتلال وفرضت حصار بحري على ميناء أم الرشراش “إيلات”، بعد خطاب السيد الحوثي الذي أكد أن بلاده لن تترك الشعب الفلسطيني لقمة سهلة تحت أنياب الأعداء مطالبا الاحتلال الإسرائيلي برفع الحصار عن قطاع غزة مقابل رفع الحصار عن موانئ فلسطين المحتلة، ووقف العدوان على غزة مقابل وقف الضربات الصاروخية والطيران المسير اليمني باتجاه مواقع الاحتلال في فلسطين المحتلة.

 

حماية المدنيين

المعطيات الميدانية في جنوب سوريا تُظهر أن سياسات الانتهاكات “الإسرائيلية” لا تظل محصورة بعسكرة خطوط التماس فحسب، بل تخلق موجات إنسانية وسياسية تتقاطع مع الانتهاكات المبلغ عنها بحق النساء في فلسطين.

هذا التقاطع يتطلب استجابة عاجلة متعددة الأبعاد – إنسانية، قانونية وسياسية – لتفادي المزيد من الإمعان في معاناة المدنيين والنساء. التحقيقات المستقلة وتثبيت آليات الحماية يمثلان الخطوة الأولى الحاسمة نحو محاسبة المذنبين وتأمين الحد الأدنى من العدالة للضحايا.

من منظور تحليلي عملي، يأتي خطاب السيد عبدالملك الحوثي منسجماً مع مقاربات إنسانية وقانونية تركز أولًا على حماية المدنيين وخصوصًا النساء، وعلى آليات مساءلة تقلّل من منطق إفلات الاحتلال الإسرائيلي من العقاب والمحاسبة الذي يُعمّق الأزمة الإنسانية ويُوسّع رقعة الصراع في المنطقة.

 

 

قد يعجبك ايضا