المصدر الأول لاخبار اليمن

زلزال سياسي وعسكري شرق اليمن.. السعودية والإمارات سيناريوهات الانفجار الكبير

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

 

 

شهدت الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2025 تصعيدًا غير مسبوق في الصراع بين السعودية والإمارات شرق اليمن، وتحديدًا في محافظتي حضرموت والمهرة.

انتقل هذا التوتر من “الحرب الباردة” والتنافس السياسي إلى مواجهة عسكرية شبه مباشرة وإجراءات دبلوماسية حادة.

في تطور خطير، نفذت القوات الجوية التابعة للتحالف (بقيادة السعودية) اليوم ضربات جوية استهدفت ميناء المكلا في محافظة حضرموت، بعد مطالبة بإخلاء الميناء قبل تنفيذ الضربة الجوية.

أعلنت الرياض أن “الضربة استهدفت شحنة أسلحة وعربات قتالية وصلت من ميناء الفجيرة الإماراتي، كانت مخصصة لتعزيز قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا”.

و قالت السعودية أن الضربة التي “استهدفت الشحنة بأنها تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار وتصعيدًا غير مقبول”.

بينما ذكرت وكالة “الأنباء السعودية الرسمية” أن (قوات التحالف نفذت عملية عسكرية في ميناء المكلا، استهدفت ما وصفته بشحنة أسلحة قادمة من الإمارات إلى اليمن).

وأوضح البيان أن التحالف طالب، قبل العملية، بإخلاء الميناء بشكل فوري حرصًا على سلامة المدنيين، قبل تنفيذ غارة جوية محدودة استهدفت نقاطًا وصفت بأنها “دعم عسكري خارجي”.

وبحسب مصادر إعلامية، وصلت سفينتان خلال عطلة نهاية الأسبوع من ميناء الفجيرة الإماراتي إلى ميناء المكلا دون الحصول على تصاريح رسمية، وقامتا بإيقاف أنظمة التعريف والتتبع الآلي، قبل رصد تفريغ شحنات أسلحة في الميناء.

وقال المتحدث باسم التحالف، تركي المالكي، إن “العملية نُفذت بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي. بالتزامن مع الغارات، اتخذ مجلس الرئاسة التابع للتحالف قرارات وصفت بالحاسمة، أهمها إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، كما أُعلنت حالة الطوارئ لمدة 90 يومًا وحظر شامل على المنافذ البرية والبحرية لمدة 3 أيام.

في حين منحت السعودية مهلة لمدة 24 ساعة للإمارات لسحب قواتها من اليمن ووقف دعم أي أطراف محلية، بناء على قرار العليمي بإنهاء دور الإمارات في التحالف.

جاء التوتر شرق اليمن، عقب إطلاق المجلس الانتقالي عملية عسكرية أطلق عليها “المستقبل الواعد”، تمكن خلالها من السيطرة على مناطق واسعة في حضرموت في المهرة.

في المقابل، تدعم السعودية “حلف قبائل حضرموت” وقوات “درع الوطن” لمنع “الانتقالي” من إحكام سيطرته على مناطق النفط (المسيلة) والمناطق الحدودية.

اليوم الثلاثاء، أصدرت السعودية بيانًا عبرت فيه عن أسفها لما قامت به الإمارات من “ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية في مناطق شرق اليمن على حدود السعودية الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، والتي تعد تهديدًا للأمن الوطني للمملكة”، حسب البيان.

وصف البيان “الخطوات التي قامت بها الإمارات بأنها بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها التحالف في اليمن”.

وأكدت الرياض في البيان أن أي مساس بأمنها الوطني خط أحمر، مؤكدة أنها ستتخذ كافة الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.

بدورها، استنكرت أبوظبي البيان السعودي، واصفةً إياه بأنه يتضمن “مغالطات جوهرية”.

ولفت البيان الإماراتي إلى أن “شحنة الأسلحة المستهدفة في المكلا كانت تخص القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف، وكان هناك تنسيق مسبق بشأنها”.

بينما اعتبر نائب رئيس هيئة المجلس الانتقالي الجنوبي، هاني بن بريك، في تغريدة على حسابه في منصة “إكس” أن: ( ما جرى يمثل اعتداءً رسميًا من قبل السعودية على حضرموت ومينائها المدني)، معربًا عن خيبة أمله مما حدث.

وأضاف هاني بن بريك أن “قصف ميناء مدني جنوبي يعد انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني”، حد قوله، مشيرًا إلى أن المنشآت المدنية تتمتع بحماية قانونية، وأن الميناء يمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للتجار والمواطنين في حضرموت.واتهم نائب رئيس الانتقالي التحالف بممارسة ما وصفه بـ”التضليل الإعلامي والسياسي”، عبر نشر صور ومقاطع مصورة لتبرير العملية العسكرية، معتبرًا ذلك “سقوطًا أخلاقيًا”، على حد تعبيره.

وفي السياق نفسه، اعتبر صغير بن عزيز، رئيس ما يسمى هيئة الأركان وقائد العمليات المشتركة، أن العملية العسكرية المحدودة في ميناء المكلا خطوة ضرورية بعد استنفاد سبل الحوار، وفقًا لما نشره على منصة “إكس”.

من جهة أخرى، هدد نائب رئيس المجلس الانتقالي أحمد سعيد بن بريك السعودية في منشور على منصة “إكس” اليوم الثلاثاء، قائلًا إن لدى المجلس الانتقالي أوراقًا ومعطيات ثقيلة الوزن لم تُستخدم حتى الآن حرصًا على المصلحة العامة، لكن إن فُرض استخدامها ستكشف كثيرًا من الحقائق، وتفضح شبكات العبث، وتعرّي القوى التي تتغذى على الفوضى وتستثمر في إطالة الأزمات” حد قوله.

وأعلن بن بريك في المنشور نفسه : “لقد انتهت الصلاحية السياسية والأخلاقية لرئيس المجلس الرئاسي اليمني، وفقد موقعه أي مشروعية حقيقية على الأرض”.

يعكس الصراع الحالي انقسامًا جذريًا في الرؤى بين الرياض وأبوظبي، حيث تعتبر السعودية أن حضرموت والمهرة منطقتا نفوذ آمنتين لها، وتدعم قوات “درع الوطن” والمكونات القبلية، بينما تدعم الإمارات مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي للانفصال والسيطرة على كامل جغرافيا اليمن شرقاً وجنوباً، ما أدى إلى تنافس إقليمي تحول إلى تصعيد علني بعد تحركات قوات المجلس الانتقالي العسكرية.

يتأرجح المشهد حاليًا بين ثلاثة سيناريوهات:

الأول: تقاسم النفوذ، وهو المرجح، فقد يصل الطرفان إلى اتفاق لعقد صفقة كبيرة تقضي بترك المهرة ووادي حضرموت تحت النفوذ السعودي المباشر، مقابل منح الإمارات و”الانتقالي” السيطرة الكاملة على عدن وسواحل حضرموت وميناء بلحاف.

هذا السيناريو يتطلب تراجعًا إماراتيًا عن طموح السيطرة على كامل الشرق اليمني، وهو ما يرفضه الانتقالي مع بدء التصعيد السعودي وإعطاء مهلة بالانسحاب خلال يوم واحد فقط بحسب بيان الرياض.

وفي حال لم ينجح الخيار الأول، يبرز السيناريو الثاني تحت مسمى “الصدام والانسحاب” القسري، فاستمرار التحرك العسكري السعودي الذي استهداف ميناء المكلا والضغوط السياسية (إلغاء اتفاقية الدفاع) قد يضطر الإمارات إلى “إعادة تموضع” تكتيكي لسحب قواتها الرسمية مع الإبقاء على دعم حلفائها المحليين (الانتقالي) بالوكالة، مما يحول الصراع إلى حرب أهلية في مناطق اليمن الواقعة تحت سيطرة التحالف.

السيناريو الثالث، يأتي بخيار بقاء الوضع على ما هو عليه، مع مناطق نفوذ ممزقة، حيث تسيطر السعودية على الجو والحدود البرية، وتسيطر قوات الانتقالي المدعومة إماراتيًا على الأرض والموانئ، مع استمرار المناوشات المحدودة دون وصول أي طرف إلى حسم نهائي. وعطفًا على السيناريوهات الثلاثة المحتملة، تعتمد مدة الصراع على مدى قدرة السعودية على فرض واقع جديد عبر “درع الوطن”، ومدى صمود الإمارات أمام الضغوط الدبلوماسية السعودية التي وصلت إلى حد مطالبة قواتها بالرحيل خلال 24 ساعة.

 

قد يعجبك ايضا