تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
لم يكن تدخل قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، عند مركز توزيع المساعدات غرب مدينة رفح، حادثة استثنائية في سجل العدوان على قطاع غزة.. لكن ما يميز هذه الواقعة عن سابقاتها هو تراكم الأدلة، السياسية والإعلامية، على تحوّل المسار الإنساني إلى ساحة مواجهة أمنية، ما يكشف مجددًا عن فشل أمريكي “إسرائيلي” في إدارة كارثة من صنعهما، ويتحدى السردية التي تحاول ترويجها دوليًا حول “حرصهما” على وصول المساعدات.
كاميرات واعتقالات تحت لافتة الإغاثة
بحسب إفادات ميدانية وبيانات رسمية من مكتب الإعلام الحكومي في غزة، فإن قوات الاحتلال نصبت منظومة متكاملة من كاميرات المراقبة وأجهزة الرصد حول موقع توزيع المساعدات في محيط معسكر “موراج”، قبل أن تقدم على اعتقال عشرات المواطنين الذين تجمهروا بحثًا عن الغذاء.
هذا التحرك، الذي تم تبريره لاحقًا بـ”الدواعي الأمنية”، يكشف أن الاحتلال لا يتعامل مع الملف الإنساني بصفته التزامًا قانونيًا أو أخلاقيًا، بل كجزء من منظومة السيطرة والابتزاز.. لقد باتت المساعدات، في نظر كثيرين داخل غزة، فخاخًا متحركة، لا أدوات نجاة.
غيتوهات الإغاثة
يرى مراقبون أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تتعمّد تحويل نقاط توزيع المساعدات إلى “غيتوهات” مغلقة، خاضعة لإشراف أمني دقيق، تتيح لها انتقاء من يدخل ومن يُقصى، ومن يُراقب ومن يُعتقل.. ويخدم ذلك نهجًا أوسع لـ”تفكيك المجتمع الفلسطيني عبر التجويع المُمنهج”، وفق وصف مكتب الإعلام الحكومي.
ما يُراد تسويقه كممرات إنسانية، بات يُستخدم كأدوات لتكريس أزمة إنسانية مستدامة، تُدار وفق أجندة سياسية واضحة.. تقديم الفتات مقابل الولاء، والضغط بالجوع للحصول على صمت أو تعاون.
فشل مزدوج باعتراف عبري
اللافت في هذا المشهد هو اعتراف وسائل الإعلام العبرية بفشل العملية برمّتها.. صحيفة “يديعوت أحرونوت” تحدثت عن “تدمير موقع التوزيع واقتلاع السياج”، فيما أكدت “يسرائيل هيوم” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اضطرت إلى إرسال مروحيات وقوة خاصة “لإنقاذ موظفي شركة أمريكية” تولت توزيع المساعدات.
هذا التخبط، الذي شُبّه بما جرى في محور نتساريم سابقًا، يعكس عمق الأزمة داخل الدوائر الأمنية في الكيان الإسرائيلي نفسه، والذي لم يعد قادراً على فصل “الميداني الإنساني” عن “الميداني الأمني”، ما يزيد من خطر تفجّر الوضع في أي لحظة.
الرسالة الأهم.. الاحتلال فشل في روايته