المصدر الأول لاخبار اليمن

غزة بين وهم “المناطق الآمنة” ووحشية “عربات جدعون 2”

تقرير | وكالة الصحافة اليمنية

في قلب غزة المحاصرة، حيث يتحول كل يوم إلى فصل جديد من فصول المأساة، تتكشف حقائق مؤلمة تتقاطع فيها رواية جيش الاحتلال (الإسرائيلي) مع شهادات الناجين الموجعة. في خضم عملية عسكرية جديدة أطلق عليها اسم “عربات جدعون 2″، يُعاد طرح السؤال الذي يؤرق سكان القطاع: “وين نروح؟”. هذا السؤال، الذي يتردد صداه في شوارع غزة، بصرخة يأس موثقة بالصوت والصورة، تحمل بين طياتها قصص أمهات حائرات، وأطفال يرتعشون، وشباب مرتبك يواجهون مصيراً مجهولاً.

 

وهم “الملاذ الآمن”

مع تصاعد وتيرة القصف، أصدر جيش الاحتلال بياناً جديداً يطالب فيه سكان مدينة غزة بـ”المغادرة الفورية”، مدعياً تخصيص منطقة المواصي في خان يونس كـ”منطقة إنسانية”. هذه المزاعم، التي يتم الترويج لها كجزء من خطة إنسانية، لا تعدو كونها غطاءً لعملية تهجير قسري وتطهير ديموغرافي ممنهج. ففي الواقع، تحولت هذه المنطقة، التي يزعم الاحتلال أنها ملاذ آمن، إلى ساحة جديدة للمعاناة، حيث تنعدم فيها أبسط مقومات الحياة. شهادات الغزيين أنفسهم تكشف عن واقع قاسٍ: لا مياه صالحة للشرب، ولا خدمات صحية كافية، ولا مأوى حقيقي. والأكثر فداحة، أن القصف لا يتوقف حتى في هذه المناطق، مما يفضح زيف الادعاءات بالسلامة.

 

طريق الموت لا النجاة

في محاولة أخرى للتلاعب بالحقائق، يزعم جيش الاحتلال أنه “خصص شارع الرشيد كطريق إنساني”، يأمر فيه الفلسطينيين بالمغادرة بسرعة ودون تفتيش. هذه الدعوة، التي تبدو للوهلة الأولى طريقاً للنجاة، تحولت في الواقع إلى فخ مميت. فبينما يتم الترويج لهذا الطريق الآمن، يواصل الاحتلال قصفه الجوي المكثف على الأبراج السكنية في المدينة. تدمير “برج مشتهى” وسط منطقة مكتظة بالنازحين هو خير دليل على هذه الوحشية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 40 فلسطينياً في ساعات قليلة، بينهم أطفال، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية.

 

سلاح صامت

لا تقتصر المأساة في غزة على القصف والتهجير فحسب، بل تمتد لتشمل الجوع الذي أصبح سلاحاً فتاكاً ينهش أجساد الأبرياء. مع الحصار الكامل المفروض على الغذاء والدواء والوقود، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة 376 شخصاً بسبب المجاعة، بينهم 134 طفلاً. هذه الأرقام، التي تتزايد يوماً بعد يوم، هي قصص أفراد أنهكهم الجوع في رحلة البحث عن لقمة عيش وسط الدمار.

 

خلف الكواليس

بينما تُمارس عمليات التهجير المنظمة على الأرض، تكشف تقارير سرية عن مناقشات تدور في دوائر القرار -بينها الموساد والبيت الأبيض- حول خطة تهدف إلى إفراغ غزة من سكانها وتحويلها إلى “منطقة تكنولوجية سياحية” تحت وصاية غربية. هذه الخطة، التي وصفتها صحيفة “واشنطن بوست” بأنها “غطاء ناعم لعملية تطهير عرقي”، تسعى لتحويل الكارثة الإنسانية إلى مشروع استثماري مربح، مغلفاً بعبارات التنمية والتقدم. هذا الكشف يؤكد أن ما يجري في غزة هو مخطط ممنهج يهدف إلى تغيير وجه الأرض وتصفية وجود السكان.

في النهاية، تظل صرخة “وين نروح؟” هي الحقيقة الأكثر صدقاً ووحشية في هذه القصة، عنواناً لمأساة لم يشهد لها العالم مثيلاً، حيث تتكسر الوعود الزائفة على صخرة الواقع المرير الذي يعيشه الغزيون، وحيث لا مكان يمكن أن يسميه النازحون: بيتاً.

 

قد يعجبك ايضا