تعيش الدوائر السياسية والعسكرية في واشنطن حالة من القلق المتصاعد بعد التطورات الميدانية الأخيرة في البحر الأحمر واليمن، حيث باتت الهزيمة المعنوية والعسكرية التي تكبدتها القوات الأمريكية ،هناك تتردد أصداؤها في أروقة وزارة الدفاع الأمريكية ومراكز الأبحاث الاستراتيجية ، فالمشهد الذي كان من المفترض أن يعكس الهيمنة الأمريكية المطلقة في الممرات البحرية الحيوية، تحوّل إلى ساحة اختبار قاسية لقدرة الولايات المتحدة على مواجهة خصم غير تقليدي يمتلك تكتيكات مرنة وإرادة صلبة قلبت موازين القوة رأساً على عقب .
البحرية الامريكي تكشف عمق الازمة
أصدر معهد البحرية الأمريكية في تقريره لشهر أكتوبر تقييماً لافتاً للوضع الراهن في البحر الأحمر، كشف فيه عن عمق الأزمة التي تواجهها القوات الأمريكية وحلفاؤها بعد فشلهم في تحقيق السيطرة الميدانية، داعياً وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى تحويل البحر الأحمر إلى ميدان اختبار مفتوح للتقنيات البحرية الحديثة في محاولة لتقليل الخسائر واستعادة زمام المبادرة .
وأشار المعهد إلى أن التحالف البحري بقيادة واشنطن فشل في احتواء القدرات اليمنية التي نجحت في قلب موازين القوة في الممرات الدولية، ما دفع الباحثين الأمريكيين إلى اقتراح سلسلة من الاختبارات الميدانية تشمل استخدام الزوارق غير المأهولة في مهام المراقبة والحماية وجمع المعلومات الاستخباراتية، بهدف تقليل الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها القوات المشاركة .
واعتبر التقرير أن البحر الأحمر يمثل بيئة ميدانية مثالية لتجربة أنظمة القتال الجديدة، نظراً لوجود خصم فعلي يفرض تحديات واقعية على الأداء الأمريكي ، واقترح توظيف الزوارق الذكية لمرافقة السفن التجارية، وإطلاق الإنذارات المبكرة، والتشويش على الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل وحتى مضايقة الزوارق اليمنية عبر أدوات تعطيل ميدانية مبتكرة مثل الشباك والسلاسل المعدنية — في خطوة تعكس حالة الارتباك الأمريكي أمام الأساليب غير التقليدية للقوة البحرية اليمنية .
وأكد التقرير أن واشنطن فقدت زمام المبادرة في البحر الأحمر، الذي تحوّل فعلياً إلى ساحة صراع مباشر بين اليمن والولايات المتحدة تتحكم فيها صنعاء من موقع متقدم.
واعتبر المعهد أن هذا الواقع يمكن أن يتحول إلى فرصة لصالح الولايات المتحدة إذا استُخدم كـ”مختبر ميداني” لتطوير أسلحتها البحرية، على غرار ما حدث في أوكرانيا بالنسبة للأسلحة البرية..
واختتم المعهد تقريره بالتأكيد على أن الولايات المتحدة باتت مطالبة بالتعامل مع البحر الأحمر كمسرح حرب حقيقي لا كممر مائي استراتيجي فحسب، بعد أن فرضت البحرية اليمنية واقعاً جديداً يجبر واشنطن على إعادة صياغة عقيدتها واستراتيجيتها البحرية بالكامل .