مجلس الأمن: أداة الغرب لإفشال إسناد صنعاء لغزة وغطاء للإبادة “الإسرائيلية”
صنعاء | وكالة الصحافة اليمنية
أقر مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضية، قرارًا قضى بتمديد تدابير العقوبات المالية وحظر السفر لعام إضافي على اليمن حتى 14 نوفمبر 2026، كما أقر المجلس ولاية فريق الخبراء الداعم للجنة العقوبات حتى 15 ديسمبر 2026. ونص القرار على تجديد العقوبات الدولية على اليمن بموجب القرار 2140 لمدة سنة إضافية، مع استمرار تجميد الأصول وحظر السفر على الأفراد والكيانات المدرجة.
في سياق الحرب التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أصبح الإسناد اليمني للقضية الفلسطينية، رمزًا للمقاومة، هنا برز مجلس الأمن ليفشل هذا الإسناد، عبر قرار تمديد العقوبات، ما يعني استخدامها كوسيلة للحد من دعم غزة، (ضغط جديد).
محاولة واضحة لإفشال الإسناد اليمني لغزة، من خلال التركيز على القدرات العسكرية دون معالجة السبب الجذري (الحرب على غزة)، هذا التحيز بلا شك يخدم “إسرائيل” ومصالحها الاقتصادية، لتتشكل على سطح الأحداث ازدواجية، تحمي “إسرائيل” بينما تعاقب اليمن.
لقد شكلت الأزمة الإنسانية في غزة، واحدة من أكبر الكوارث في التاريخ الحديث، ضحايا بالآلاف ودمار كبير، مجاعة فعلية، ماذا قدم مجلس الأمن من حلول وقرارات لكبح جماح آلة القتل الإسرائيلية؟ هل فرض وقفًا لإطلاق النار، هل عمل على تسهيل المساعدات الإنسانية ودخولها إلى غزة المنكوبة، هل أصدر قرارًا واحدًا يُلزم الاحتلال بالانسحاب؟ هل مارس مهامه وفق القوانين الدولية والإنسانية؟ كل هذه الاستفهاميات إجابتها قطعًا (لا).
لقد فشل المجلس، أو تعمد الفشل بشكل صارخ من القيام بدوره، ما منح الاحتلال حرية القتل، والتدمير، والتجويع، دون محاسبة، بل واستخدمت أمريكا ” الفيتو” سبع مرات لمنع أي قرارات تُنهي معاناة الفلسطينيين، أخر “فيتو” في يونيو الماضي.
لقد تجاهل المجلس انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، بينما واصل إدانة المقاومة الإسلامية، ووقف علنًا في صف القتلة، ليفشل في تأمين سكان غزة؛ مما يفقد الأمم المتحدة مصداقيتها.
في تصريح له حول كارثية أداء مجلس الأمن الدولي، قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش ” إن مجلس الأمن الدولي بحاجة ماسة إلى إصلاحات عاجلة. جاء ذلك في كلمة عبر تقنية الفيديو خلال جلسة لمجلس الأمن تحت عنوان ‘الأمم المتحدة: رؤية إلى المستقبل’، عقدت بمناسبة الذكرى السنوية الـ80 لتأسيس الأمم المتحدة.
شرعية هشة لمجلس الأمن
وأوضح غوتيريش أن مجلس الأمن الدولي أمر حيوي لكن شرعيته هشة، مشددا على أن الإصلاحات في بنيته ضرورية وطال انتظارها كثيرا من أجل ضمان النظام والأمن العالميين.
وأشار إلى أن بعض أعضاء مجلس الأمن تصرفوا عدة مرات بما يخالف مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي أدى إلى تقويض الثقة بالمنظمة الدولية.
وختم الأمين العام انتقاده بالقول : ” من دون مجلس أمن قادر على أداء مهامه، فإن العالم سيظل في خطر كبير”.
إن القرار الأخير يعكس استخدام مجلس الأمن لفرض النفوذ الغربي، على صنعاء، وتحجيم دورها في الدفاع عن الأرض، وإسناد فلسطين على السواء، ما يؤكد التحيز الواضح للمجلس ضد اليمن وفلسطين.
تجاهل انتهاكات التحالف
لا جديد يقدمه مجلس الأمن أعلى هيئة في الأمم المتحدة في الشأن اليمني، سوى استنساخ نفس القرارات والتوجهات، لقد تجاهل المجلس منذ مارس 2015 انتهاكات التحالف السعودي الصهيو أمريكي ضد اليمن، ليواصل التمسك بموقفه المتحيز ضد اليمن، منذ إعلانه قرار 2216 وهو القرار الذي كان إيذانًا بشن حرب على اليمن، تحت غطاء أممي للعمليات العسكرية، منذ ذلك القرار توالت قرارات مجلس الأمن لتصل إلى 20 قرارًا حمل مضمونها تحيزًا واضحًا للتحالف وفصائله، دون أن يتطرق لمقتل آلاف الضحايا اليمنيين الذين قضوا على يد ذلك التحالف.
اعتمد المجلس القرار الجديد 2760 بـ13 صوتاً (امتناع روسيا والصين)، بتجديد العقوبات بموجب قرار 2140 لعام إضافي حتى نوفمبر 2026، ليكرر المجلس سيناريو غض الطرف عن التحالف وأدواته، مع فارق التغاضي هذه المرة عن الضربات الأمريكية – الإسرائيلية التي طالت العاصمة صنعاء والمحافظات التابعة للمجلس السياسي الأعلى.
يتضح جليًا أن نفوذ دول غربية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، يقف وراء مثل هذه القرارات التي لم تنصف صنعاء يومًا، وهو النفوذ الذي تفرضه تلك الدول تحت حجج واهية يأتي في مقدمتها “تحجيم دور إيران، وتأمين الملاحة البحرية”.
من جهة ثانية يتم التعتيم على أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء استمرار الحرب وحالة اللاحرب في اليمن، وهو مبيعات الأسلحة، حيث تقوم السعودية والإمارات وباقي دول الخليج بشراء أسلحة امريكية – بريطانية بمليارات الدولارات منذ 2015 وما قبل ذلك؛ لتقضي مثل هذه الصفقات على محاسبة التحالف، بل تدعمه.
في الجانب الآخر تلعب السعودية دورًا فاعلًا في التأثير على قرارات مجلس الأمن المتلاحقة؛ والتي تشمل بشكل دائم تمديد العقوبات، لترحيل الأزمة واستمرار فرض الحصار الجائر على اليمن، وعلى الرغم من أن لاعبين دوليين كبيرين بحجم الصين وروسيا، يعارضان تلك القرارات ويمتنعان عن التصويت؛ إلا أن الأغلبية تمنح مثل هذه القرارات شرعية دولية.