المصدر الأول لاخبار اليمن

تصاعد التوتر في مناطق العلويين بسوريا مع تزايد اتهامات الحكومة المؤقتة بارتكاب جرائم القتل الطائفي

دمشق/ وكالة الصحافة اليمنية//

تشهد المناطق ذات الغالبية العلوية في سوريا تصعيدًا غير مسبوق من حوادث العنف والقتل والخطف، وسط اتهامات متزايدة لميليشيات مرتبطة بالحكومة السورية المؤقتة بالوقوف خلف هذه الانتهاكات، ما يثير مخاوف من انزلاق البلاد مجددًا نحو صراعات طائفية أوسع.

وفي أحدث حلقات التصعيد، أعلن “مرصد الساحل السوري” اليوم الجمعة، العثور على جثمان المواطن عصام أحمد حسن (50 عامًا)، الملقب بـ”أبو سليمان”، في منطقة مساكن الديماس بريف دمشق، بعد يوم من اختطافه من منزله على يد عناصر مسلحة من “الأمن العام الجهادية”، المحسوبة على الحكومة السورية المؤقتة.

ووفق المرصد:”اقتحم المسلحون منزل الضحية وقيدوا زوجته وابنته، قبل أن يختطفوه مع شاب آخر يدعى باسل شفيق سعود، ليُعثر لاحقًا على جثمانيهما قرب ساتر الجزيرة الثانية في مساكن الديماس، وعليهما آثار تعذيب وإطلاق نار”.

وينحدر القتيل عصام حسن من قرية حمام واصل بريف بانياس، وهو من أبناء الطائفة العلوية، وقد أثارت الجريمة موجة غضب في أوساط الطائفة.

وفي حادثة منفصلة، قتل الشاب عامر أمون وأصيب قريبه بيهس أمون بجروح بالغة إثر تعرضهما لإطلاق نار مباشر من عناصر ميليشيا “الأمن العام” في تنظيم “هيئة تحرير الشام”، أثناء عملهما في أرضهما الزراعية بقرية البرجان في ريف جبلة.

وشهدت القرية احتجاجات واسعة بعد الحادثة، حيث خرج الأهالي في مظاهرات تندد بالقتل والخطف المتكرر الذي يستهدف أبناء الطائفة، متهمين السلطات الأمنية الجديدة بالتورط المباشر في تلك الانتهاكات.

كما شهدت بلدة العين في ريف جبلة حادثة جراء قيام ثلاثة مسلحين باختطاف الشابة ليزا إبراهيم 19 عامًا من سيارة شقيقها في جسر الشغوف بعد الاعتداء على شقيقها بالضرب المبرح.

وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للأم ناريمان والدة الشابة المختطفة ناشدت فيها الحكومة الموقتة بإطلاق سراح ابنتها قائلة: أبوس أرجلكم رجعوا لي بنتي أنا سنية مثلكم ولم أشهد أي عنصرية من طرف أبناء الطائفة العلوية.

 

قرارات قمعية

 

في سياق متصل، شهدت مدينة حمص قرارًا مثيرًا للجدل بفصل الشابة غزل عثمان، الموظفة في شركة الغاز، وإحالتها للتحقيق، عقب تسريب مقطع صوتي لها تنتقد فيه جرائم القتل والاغتصاب بحق النساء في المدينة، التي يُتهم عناصر محسوبون على الحكومة السورية المؤقتة بارتكابها.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان كذلك بمقتل مدنيين اثنين من الطائفة العلوية تحت التعذيب، داخل سجون الحكومة السورية الانتقالية في حمص، بعد ثلاثة أشهر من اعتقالهما، ليُضاف اسماهما إلى قائمة ضحايا الاعتقال، التي بلغ عددها حتى الآن 38 قتيلاً وفقًا للمرصد.

وشهدت قرى في ريف جبلة وريف اللاذقية احتجاجات واسعة، إذ تظاهر العشرات في قرية رأس العين تحت شعار “من حقي السلام”، كما طالبت مظاهرات أخرى بالإفراج عن الفتاة ليزا إبراهيم (19سنة)، التي اختطفت في القرية، وسط قلق متزايد من استمرار عمليات الخطف.

 

جرائم إبادة وتصفية جماعية

 

بحسب تقارير حقوقية وإعلامية، تصاعدت وتيرة الجرائم الطائفية خلال الأشهر الماضية بشكل لافت، حيث وثّقت منظمات حقوقية مقتل 333 شخصًا من الطائفة العلوية خلال شهري يناير وفبراير من هذا العام، بينهم نساء وأطفال، في سياق حملات وصفت بأنها انتقامية وطائفية.

وسُجلت في مارس الماضي أيضًا مجازر مروعة بحق العلويين في عدة قرى وبلدات، شملت أعمال إعدام ميداني، وقطع للرؤوس، وحرق للجثث، في ظل اتهامات مباشرة للأجهزة الأمنية وميليشيات محسوبة على الحكومة السورية الجديدة بارتكاب هذه الفظائع.

وفي واحدة من أكثر الجرائم إثارة للقلق، تعرض ضريح الشيخ ناصر إبراهيم أسعد، أحد أبرز الرموز الدينية للطائفة العلوية، للتفجير في قرية تل عبد العزيز بريف السلمية، في مؤشر خطير على استهداف واضح للرموز الدينية والمقدسات.

وتزامنًا مع هذه التطورات، أعلنت جهات محلية في 7 مارس الماضي عن إطلاق عمليات مسلحة ضد “هيئة تحرير الشام” والفصائل الموالية للحكومة الجديدة، وسط تصاعد دعوات للثأر والانتقام.

 

حرب طائفية مفتوحة

 

يحذر مراقبون ومحللون من أن هذه الموجة المتصاعدة من الانتهاكات قد تفتح الباب أمام صراع طائفي مفتوح، لا سيما مع تنامي دعوات حمل السلاح في أوساط أبناء الطائفة العلوية والشيعية، في ظل غياب أي أفق سياسي أو قانوني لحماية المدنيين.

ويرى خبراء أن استهداف المدنيين والبنية الدينية والثقافية للطائفة العلوية قد يترك أثرًا بالغ الخطورة على مستقبل السلم الأهلي، في وقت تتزايد فيه مخاوف من عودة البلاد إلى دوامة العنف الدموي.

وأكدت منظمات حقوقية أن المجتمع الدولي مطالب بالتدخل العاجل لحماية المدنيين، والضغط على السلطات السورية الجديدة لوقف هذه الجرائم، وفتح تحقيقات مستقلة لمحاسبة المتورطين.

وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، تبقى سوريا أمام اختبار حقيقي يتعلق بمدى قدرتها على تجنب الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة، قد تكون أشد دموية وتعقيدًا من سابقاتها.

قد يعجبك ايضا