تحليل/وكالة الصحافة اليمنية//
يمثل الاعتداء الوحشي الذي تعرض له مختار قرية “بليلكو” في ريف ناحية راجو – شمال غربي سوريا – حلقة جديدة في سلسلة الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة، والمستوطنون الذين جرى توطينهم في مناطق عفرين بعد السيطرة عليها في 2018.
الحادثة التي وقعت بعد مطالبة المختار بسحب قطعان الماشية من أرضه، وانتهت بضربه بالعصي والحجارة إلى جانب أحد العمال، لا تبدو منفصلة عن السياق العام الذي يعيشه سكان عفرين الأصليون: محاولات ممنهجة للتضييق، والإذلال، ودفع الأهالي نحو الهجرة القسرية، في إطار ما تصفه منظمات حقوقية محلية ودولية بسياسة “تغيير ديمغرافي مدروس”.
منذ عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا في العام 2018، وثقت منظمات حقوق الإنسان المئات من الانتهاكات بحق الأكراد والسكان الأصليين، من مصادرة أراضٍ ومنازل، وفرض إتاوات، إلى الاعتقال التعسفي والتعذيب، فضلًا عن طرد عشرات العائلات من قراها وممتلكاتها.
الاعتداء على المختار، وهو شخصية رمزية محلية، يحمل دلالة إضافية: توجيه رسالة واضحة بأن الأصوات التي ترفض انتهاك الأراضي والممتلكات لن تكون بمنأى عن العنف، حتى وإن كانت تطالب بأبسط حقوقها. وهذا النهج يشير إلى أن السيطرة العسكرية على الأرض تتجاوز الأبعاد الأمنية لتصبح أداة لتفكيك البنية الاجتماعية وتهميش القيادات المجتمعية.
سياسة “الترهيب السكاني” التي تتبعها تلك الفصائل، مع وجود غطاء تركي واضح، تبدو اليوم وسيلة فعالة لفرض أمر واقع جديد في شمال سوريا، وسط غياب أي تدخل دولي جاد أو مساءلة قانونية. وما لم تتدخل الجهات الدولية المعنية، فإن حوادث كهذه ستتحول إلى نمط متكرر، يدفع ثمنه الأبرياء الذين يتمسكون بأرضهم وحقهم في البقاء.